Skip to main content

يُعد مفصل الذراع (الكتف) واحدًا من أكثر المفاصل تعقيدًا وحيوية في جسم الإنسان.

فهو يمنحنا القدرة على أداء مجموعة واسعة من الحركات الضرورية لحياتنا اليومية، من أبسط الأنشطة كرفع كوب ماء إلى المهام الأكثر تعقيدًا مثل ممارسة الرياضة أو العمل اليدوي.

ولكن مع التقدم في العمر، أو نتيجة للإصابات، أو بسبب الأمراض، قد يتعرض هذا المفصل للتلف الشديد، مما يؤدي إلى آلام مبرحة، فقدان كبير في نطاق الحركة، وتدهور جودة الحياة بشكل عام.

في هذه الحالات، يصبح التدخل الجراحي ضرورة حتمية لإعادة الوظيفة وتخفيف الألم. تُعد عملية استبدال مفصل الذراع، أو تقويم مفصل الكتف الكلي، أحد الحلول الجراحية الفعالة لعلاج هذه الحالات.

في هذا الإجراء الجراحي، تُستبدل المكونات المتضررة في مفصل الكتف بمكونات اصطناعية.

تنفّذه مستشفيات متقدمة مثل مستشفى ليفا بتركيا، ما يتيح نتائج ملموسة وسريعة للمريض، مدعومة بتقنيات حديثة ودراسات مهمة.

مفصل الذراع

تشريح ووظيفة مفصل الذراع وأسباب التلف

لفهم عملية استبدال مفصل الذراع بشكل كامل، من الضروري أولاً إدراك تعقيد وظيفته وأسباب تعرضه للتلف.

يتكون مفصل الكتف من التقاء ثلاث عظام رئيسية: عظم العضد (الذراع العلوي)، وعظم لوح الكتف (الكتف)، وعظم الترقوة.

يتميز هذا المفصل بكونه مفصل كروي حقي (ball-and-socket joint)، حيث يتوضع رأس عظم العضد الكروي في التجويف الحقاني الضحل الموجود في لوح الكتف.

هذا التصميم الفريد يمنح الكتف نطاقًا حركيًا واسعًا للغاية، مما يجعله المفصل الأكثر حركة في الجسم.

تدعم هذا المفصل مجموعة معقدة من الأربطة والأوتار والعضلات، أبرزها الأوتار الأربعة التي تشكل “الكفة المدورة”، والتي تلعب دورًا حاسمًا في استقرار المفصل وحركته.

تتنوع أسباب تلف مفصل الذراع بشكل كبير، وتشمل الأسباب الرئيسية ما يلي:

  • التهاب المفاصل التنكسي (الفُصال العظمي): يُعد هذا السبب الأكثر شيوعًا، حيث يتآكل الغضروف الواقي الذي يغطي أطراف العظام مع مرور الوقت، مما يؤدي إلى احتكاك العظام ببعضها البعض، مسببًا ألمًا شديدًا وتيبسًا. تزداد نسبة الإصابة بالفُصال العظمي مع التقدم في العمر ومع الاستخدام المفرط للمفصل أو الإصابات السابقة.
  • التهاب المفاصل الروماتويدي وأمراض التهابية أخرى: هذه أمراض جهازية تؤثر على بطانة المفاصل، مسببة التهابًا مزمنًا يؤدي إلى تدمير الغضروف والعظام المحيطة بالمفصل.
  • الكسور الشديدة: قد تؤدي الكسور المعقدة في رأس عظم العضد أو التجويف الحقاني إلى تلف لا يمكن إصلاحه في المفصل، خاصة إذا كانت الأجزاء المكسورة لا تلتئم بشكل صحيح أو إذا كانت الإمدادات الدموية للعظم مهددة (النخر اللاوعائي).
  • النخر اللاوعائي (تَنَخُّر العظم): تحدث هذه الحالة عندما ينقطع الإمداد الدموي لجزء من العظم، مما يؤدي إلى موت خلايا العظم وانهيار المفصل. يمكن أن يحدث بسبب الصدمة، أو الاستخدام طويل الأمد لبعض الأدوية (مثل الكورتيكوستيرويدات)، أو بعض الحالات الطبية الأخرى.
  • تمزقات الكفة المدورة المزمنة والواسعة: على الرغم من أن تمزقات الكفة المدورة تُعالج عادةً بالجراحة الترميمية، إلا أن التمزقات الواسعة جدًا والتي لا يمكن إصلاحها، أو التي تؤدي إلى اعتلال المفصل الناتج عن تمزق الكفة المدورة (rotator cuff tear arthropathy)، قد تستدعي استبدال المفصل.

دواعي إجراء عملية استبدال مفصل الذراع

لا تُعد عملية استبدال مفصل الذراع الخيار الأول للعلاج، بل يتم اللجوء إليها عندما تفشل الطرق العلاجية غير الجراحية في تخفيف الألم وتحسين الوظيفة بشكل كافٍ.

من المهم جدًا أن يتم تقييم كل حالة على حدة من قبل جراح عظام متخصص في جراحة الكتف لتحديد ما إذا كانت عملية الاستبدال هي الخيار الأنسب للمريض.

يتم تحديد ما إذا كان المريض مؤهلاً للعملية بناءً على مجموعة من العوامل، بما في ذلك شدة الألم، مدى القيود الوظيفية، الحالة الصحية العامة للمريض، ونتائج الفحوصات التصويرية مثل الأشعة السينية والرنين المغناطيسي.

تشمل الدواعي الرئيسية لإجراء عملية استبدال مفصل الذراع ما يلي:

  • الألم الشديد والمستمر: عندما يصبح الألم في الكتف لا يُطاق ولا يستجيب للأدوية المسكنة، حقن الكورتيزون، أو العلاج الطبيعي، ويؤثر بشكل كبير على جودة حياة المريض وقدرته على النوم وأداء الأنشطة اليومية.
  • فقدان كبير في نطاق الحركة: إذا أصبح المريض غير قادر على رفع ذراعه، أو تدويرها، أو أداء الحركات الأساسية الضرورية للوظيفة اليومية بسبب تيبس المفصل أو الألم.
  • الفشل في العلاجات التحفظية: بعد تجربة العلاج الطبيعي المكثف، والأدوية المضادة للالتهاب، والحقن داخل المفصل، وغيرها من التدابير غير الجراحية دون تحقيق تحسن ملموس.
  • تلف مفصلي شديد ومؤكد بالصور الشعاعية: عندما تُظهر الأشعة السينية أو الرنين المغناطيسي تآكلًا شديدًا في الغضروف، تضررًا في العظام، أو تشوهات هيكلية في المفصل لا يمكن إصلاحها بوسائل أخرى.

أنواع عمليات استبدال مفصل الذراع

تطورت تقنيات استبدال مفصل الذراع بشكل كبير على مر السنين، مما أتاح للجراحين خيارات متعددة تتناسب مع الحالة الفريدة لكل مريض ونوع التلف الذي يعاني منه المفصل.

تعتمد التقنية المختارة على عوامل مثل عمر المريض، مستوى نشاطه، جودة العظام المتبقية، وحالة الكفة المدورة. الأنواع الرئيسية لعمليات استبدال مفصل الذراع تشمل:

  • التقويم الكلي لمفصل الكتف (Total Shoulder Arthroplasty – TSA): في هذا الإجراء، يتم استبدال رأس عظم العضد التالف (الكرة) بمكون معدني أو خزفي ذو ساق يتم إدخاله في عظم العضد. ويتم استبدال التجويف الحقاني (المقبس) بغطاء بلاستيكي متين أو معدني بلاستيكي يتم تثبيته في لوح الكتف. يُعد هذا النوع هو الأكثر شيوعًا وفعالية في حالات التهاب المفاصل التنكسي أو الروماتويدي مع كفة مدورة سليمة أو قابلة للإصلاح. يوفر هذا الإجراء عادةً تخفيفًا ممتازًا للألم واستعادة جيدة لنطاق الحركة.
  • التقويم الجزئي لمفصل الكتف (Hemiarthroplasty): في هذا الإجراء، يتم استبدال رأس عظم العضد فقط، بينما يُترك التجويف الحقاني الطبيعي في مكانه. يُفضل هذا الإجراء في حالات معينة مثل كسور رأس عظم العضد الشديدة حيث يكون التجويف الحقاني سليمًا، أو في حالات النخر اللاوعائي الذي يؤثر بشكل أساسي على رأس العضد. ميزة هذا الإجراء هي بساطته النسبية وتقليل وقت الجراحة، لكن قد تكون النتائج الوظيفية أقل من التقويم الكلي في بعض الحالات.
  • التقويم العكسي لمفصل الكتف (Reverse Total Shoulder Arthroplasty – rTSA): يُعد هذا النوع تطورًا ثوريًا في جراحة الكتف، حيث يتم عكس التكوين التشريحي للمفصل. يتم وضع الكرة (رأس معدني) في التجويف الحقاني على لوح الكتف، بينما يتم وضع المقبس (كوب بلاستيكي) على رأس عظم العضد

التحضير للعملية والرعاية ما بعد الجراحة

تعتبر مرحلة التحضير للعملية وفترة الرعاية ما بعد الجراحة حاسمتين لضمان نجاح العملية وتحقيق أفضل النتائج الممكنة.

التحضير للعملية

يتضمن التحضير الشامل مراجعة دقيقة للتاريخ الطبي للمريض، إجراء فحص بدني شامل، وطلب مجموعة من الفحوصات المخبرية والتصويرية.

سيُطلب من المريض التوقف عن تناول بعض الأدوية، مثل مميعات الدم، قبل الجراحة بأيام أو أسابيع.

قد يُنصح المريض بإنقاص وزنه إذا كان يعاني من السمنة، والتوقف عن التدخين لتحسين عملية الشفاء. سيقوم الجراح بشرح تفاصيل العملية، والمخاطر المحتملة، والفوائد المتوقعة، والإجابة على جميع استفسارات المريض لضمان فهمه الكامل للإجراء.

قد يُطلب من المريض زيارة طبيب التخدير لتقييم حالته الصحية وتحديد نوع التخدير المناسب.

الرعاية ما بعد الجراحة وفترة التعافي

 بعد الجراحة، يتم نقل المريض إلى غرفة الإفاقة للمراقبة الدقيقة.

سيتم إدارة الألم بفعالية باستخدام الأدوية المناسبة. عادةً ما يبقى المريض في المستشفى ليوم واحد أو يومين، اعتمادًا على حالته الصحية وتعقيد العملية.

سيتم وضع الذراع في حمالة خاصة (sling) لتثبيت المفصل وحمايته خلال الفترة الأولية للتعافي، والتي قد تمتد لعدة أسابيع.

يُعد العلاج الطبيعي جزءًا لا يتجزأ من عملية التعافي، ويبدأ عادةً بعد وقت قصير من الجراحة. سيقوم أخصائي العلاج الطبيعي بتوجيه المريض خلال مجموعة من التمارين التدريجية.

تتطلب فترة التعافي التزامًا وصبرًا من المريض، وقد تستغرق عدة أشهر للحصول على النتائج الكاملة. من المهم جدًا اتباع تعليمات الجراح والمعالج الطبيعي بدقة لتجنب المضاعفات وتحقيق أفضل النتائج الوظيفية.

المخاطر والمضاعفات المحتملة

مثل أي إجراء جراحي كبير، تحمل عملية استبدال مفصل الذراع بعض المخاطر والمضاعفات المحتملة، على الرغم من أنها نادرة بشكل عام، ومعدلات النجاح عالية جدًا.

من المهم للمرضى أن يكونوا على دراية بهذه المخاطر لاتخاذ قرار مستنير. تشمل المضاعفات المحتملة ما يلي:

  • العدوى: على الرغم من اتخاذ تدابير وقائية صارمة، إلا أن هناك خطرًا ضئيلًا للإصابة بالعدوى في مكان الجراحة. قد تتطلب العدوى الخفيفة المضادات الحيوية، بينما قد تتطلب العدوى الشديدة جراحة إضافية لإزالة الزرع وتنظيف المنطقة.
  • تخثر الدم (الجلطات): يمكن أن تتكون جلطات دموية في الأوردة العميقة للساق، والتي يمكن أن تنتقل إلى الرئتين (الانصمام الرئوي) وتسبب مضاعفات خطيرة. يتم استخدام الأدوية المضادة للتخثر لتقليل هذا الخطر.
  • تلف الأعصاب أو الأوعية الدموية: قد يحدث تلف للأعصاب أو الأوعية الدموية المحيطة بالمفصل أثناء الجراحة، مما قد يؤدي إلى ضعف أو خدر أو مشاكل في الدورة الدموية.
  • خلع المفصل الصناعي: في بعض الحالات النادرة، قد يخرج المفصل الصناعي من مكانه، مما يتطلب تدخلًا طبيًا لإعادته أو جراحة إضافية.
  • تراخي أو فشل المكونات: مع مرور الوقت، قد تتراخى المكونات الصناعية للمفصل أو تفشل، مما قد يتطلب جراحة مراجعة. يعتمد عمر المفصل الصناعي على عدة عوامل بما في ذلك مستوى نشاط المريض وجودة العظام.
  • تصلب المفصل: على الرغم من أن الهدف من الجراحة هو استعادة الحركة، إلا أن بعض المرضى قد يعانون من تصلب مستمر في المفصل بعد الجراحة، خاصة إذا لم يلتزموا ببرنامج العلاج الطبيعي.
  • الألم المستمر: على الرغم من أن العملية تهدف إلى تخفيف الألم، إلا أن نسبة صغيرة من المرضى قد تستمر في الشعور ببعض الألم بعد الجراحة.

النتائج المتوقعة والتعافي طويل الأمد

تُعتبر عملية استبدال مفصل الذراع إجراءً ناجحًا للغاية في معظم الحالات، حيث تحقق نتائج ممتازة في تخفيف الألم وتحسين الوظيفة للمرضى الذين يعانون من تلف شديد في المفصل.

يتوقع معظم المرضى تحسنًا كبيرًا في قدرتهم على أداء الأنشطة اليومية البسيطة مثل ارتداء الملابس، غسل الشعر، وتناول الطعام. كما يلاحظ العديد منهم تحسنًا في قدرتهم على النوم بسبب اختفاء الألم.

ومع ذلك، من المهم أن تكون التوقعات واقعية.

على الرغم من أن المفصل الصناعي يمكن أن يستمر لسنوات عديدة (عادةً 10-20 سنة أو أكثر)، إلا أنه ليس دائمًا ويختلف عمره الافتراضي من مريض لآخر.

يعتمد نجاح العملية على عدة عوامل، بما في ذلك التزام المريض ببرنامج العلاج الطبيعي، الحفاظ على وزن صحي، وتجنب الأنشطة ذات التأثير العالي التي قد تضع ضغطًا زائدًا على المفصل الصناعي.

ينبغي على المرضى مناقشة الأنشطة التي يمكنهم العودة إليها بأمان مع الجراح. على المدى الطويل، سيستمر المرضى في متابعة دورية مع الجراح لتقييم حالة المفصل الصناعي والتأكد من عدم وجود أي مشاكل.

خاتمة

تُشكل عملية استبدال مفصل الذراع بصيغها المختلفة، سواء التقويم الكلي أو الجزئي أو العكسي، بصيص أمل للكثيرين ممن يعانون من آلام مبرحة وقيود حركية شديدة نتيجة لتلف مفصل الكتف.

إن التقدم الهائل في التقنيات الجراحية والتطور في تصميم المفاصل الصناعية قد أتاح لهذه العملية أن تُصبح إجراءً آمنًا وفعالًا يعيد للمرضى جودة الحياة التي فقدوها.

من خلال فهم شامل لأسباب التلف، وأنواع العمليات المتاحة، والتحضير الدقيق، والرعاية اللاحقة، يمكن للمرضى والمقدمين للرعاية الصحية اتخاذ قرارات مستنيرة.

إن اختيار فريق جراحي متخصص وذو خبرة في مرافق طبية حديثة ومجهزة، كما هو الحال في مستشفى ليفا في تركيا، يلعب دورًا حاسمًا في تحقيق أفضل النتائج.

في نهاية المطاف، لا يقتصر نجاح هذه العملية على البراعة الجراحية فحسب، بل يمتد ليشمل التزام المريض بالتعافي وإعادة التأهيل، مما يضمن استعادة الوظيفة والعودة إلى حياة طبيعية خالية من الألم.

أسئلة شائعة

كم تستغرق عملية استبدال مفصل الذراع؟

تستغرق العملية عادةً ما بين ساعة ونصف إلى ثلاث ساعات، اعتمادًا على نوع الاستبدال (كلي، جزئي، عكسي) ومدى تعقيد الحالة.

ما هي مدة الإقامة في المستشفى بعد العملية؟

عادةً ما يبقى معظم المرضى في المستشفى لمدة يوم واحد أو يومين بعد الجراحة للمراقبة وإدارة الألم الأولية.

متى يمكنني العودة إلى الأنشطة اليومية الطبيعية بعد الجراحة؟

التعافي يختلف من شخص لآخر، ولكن بشكل عام، يمكن للمرضى البدء في الأنشطة الخفيفة بعد عدة أسابيع. قد يستغرق الأمر 3-6 أشهر أو أكثر لاستعادة معظم القوة والوظيفة، والعودة إلى الأنشطة الأكثر تحديًا. يجب اتباع تعليمات الجراح والمعالج الطبيعي بدقة.

هل سأحتاج إلى علاج طبيعي بعد العملية؟

نعم، العلاج الطبيعي جزء أساسي وحاسم من عملية التعافي بعد جراحة استبدال مفصل الذراع. يبدأ عادةً بعد وقت قصير من الجراحة ويستمر لعدة أشهر لمساعدة المريض على استعادة نطاق الحركة والقوة.

ما هي المدة التي يدوم فيها المفصل الصناعي؟

تم تصميم المفاصل الصناعية الحديثة لتدوم لسنوات عديدة. يتوقع أن يعمل معظمها لمدة 10-20 سنة أو أكثر. يعتمد العمر الافتراضي على عوامل مثل عمر المريض، مستوى نشاطه، نوع المفصل، ومدى التزام المريض بالرعاية اللاحقة.

هل يمكنني ممارسة الرياضة بعد استبدال مفصل الذراع؟

يمكن لمعظم المرضى العودة إلى ممارسة الرياضات ذات التأثير المنخفض مثل المشي، السباحة، وركوب الدراجات الثابتة. يفضل تجنب الرياضات التي تتطلب حركات قوية ومتكررة للكتف، أو التي تنطوي على مخاطر السقوط أو الصدمات المباشرة للمفصل، مثل التنس، الغولف، أو رفع الأثقال الثقيلة.

Leave a Reply