مرض باركنسون يُعد من أكثر الأمراض العصبية التنكسية شيوعًا بعد الزهايمر، ويؤثر بشكل كبير على جودة حياة المرضى وقدرتهم على ممارسة الأنشطة اليومية.
مع تطور الطب الحديث، ظهرت العديد من الخيارات الجراحية التي تقدم الأمل للمرضى الذين لم تعد العلاجات الدوائية التقليدية فعالة في السيطرة على أعراضهم.
تُعد الجراحات العصبية لمرض باركنسون خيارًا متقدمًا يستهدف تخفيف أعراض شاقة للغاية. يهتم بها أطباء مختصون فقط، وتأتي بعد فشل الأدوية في السيطرة.

لماذا العمليات لمرضى الباركنسون؟
مرض باركنسون هو اضطراب عصبي تدريجي يؤثر بشكل رئيسي على الحركة بسبب تلف الخلايا المنتجة للدوبامين في الدماغ.
بينما تُعد الأدوية مثل ليفودوبا حجر الزاوية في العلاج المبكر، فإن فعاليتها تتراجع مع تقدم المرض، مما يدفع الأطباء إلى التوصية بالتدخل الجراحي في حالات محددة.
تُقدم الجراحات الحديثة، مثل التحفيز العميق للدماغ (DBS)، أملاً للمرضى الذين يعانون من أعراض غير مسيطر عليها بالأدوية
لكن الجراحة لا تُجرى لجميع المرضى، بل تُخصص للحالات المستعصية التي لم تعد تستجيب للعلاج الدوائي أو التي تعاني من مضاعفات حادة جراء الأدوية. كما أن التشخيص الدقيق واستبعاد الأمراض الأخرى المشابهة أمر ضروري قبل اتخاذ قرار الجراحة.
الأنواع الرئيسية لعمليات الباركنسون
في حين أن جراحات الباركنسون لا تعالج المرض جذريًا، فإنها تُعد أداة قوية لإدارة الأعراض في المراحل المتقدمة. يعتمد نجاحها على الاختيار الدقيق للمرضى، الخبرة الجراحية، والمتابعة طويلة المدى.
تشير الدراسات إلى أن عمليات التحفيز العميق للدماغ تحقق معدلات نجاح مرتفعة في تحسين الأعراض وتقليل الاعتماد على الأدوية.
التحفيز العميق للدماغ (DBS)
يُعد التحفيز العميق للدماغ التقنية الأكثر شيوعًا ونجاحًا لعلاج الباركنسون. يتم زرع أقطاب كهربائية في مناطق محددة من الدماغ متصلة بجهاز تحت الجلد.
يُؤهّل لهذا الإجراء الأشخاص الذين يعانون من تقلبات حركة مزعجة “on–off” رغم الأدوية، دون وجود خرف أو اضطرابات نفسية حادة. هذه التقنية تقلل من الرعاش والتيبس وتحسن الحركة بشكل عام.
رغم أن نسبة المخاطر منخفضة نسبيًا، فإنها تشمل النزيف، العدوى، آثار جانبية في النطق أو التوازن، وقد يظهر لدى بعض المرضى حالات من الارتباك أو التغيرات المزاجية.
وتُعد تقنية DBS التكيفية (adaptive DBS)، التي تُبرمج تلقائيًا حسب النشاط العصبي، نقلة نوعية حصلت على موافقة FDA عام ٢٠٢٤، مع تقارير حول تحسين مستوى الأعراض وتقليل الأدوية
- نسبة النجاح: تحسن الأعراض الحركية بنسبة مرتفعة لدى المرضى المختارين جيدًا.
- النتائج طويلة الأمد: معظم المرضى أفادوا بتحسن ملحوظ في الأعراض بعد سنوات من العملية.
- في تركيا: مستشفى ليفا من المراكز الرائدة في إجراء هذه العمليات، مع نتائج سريرية ممتازة للمرضى العرب.
الجراحة بالموجات فوق الصوتية المركزة (FUS)
تقنية غير جراحية تعتمد على توجيه موجات صوتية عالية التردد لتدمير الأنسجة المسببة للأعراض دون شق جراحي. معتمدة لعلاج الرعاش الشديد.
- مميزات: علاج فعال للرعاش عند المرضى غير المؤهلين للجراحة التقليدية.
- الدراسات: أظهرت تجارب سريرية تحسنًا ملحوظًا في الأعراض الحركية لدى المرضى.
التردد الحراري (Radiofrequency Ablation)
يتم إدخال مسبار دقيق لإرسال موجات حرارية تستهدف المناطق المسؤولة عن الأعراض، مما يؤدي لتعطيل النشاط غير الطبيعي فيها.
- الفعالية: فعالة في علاج الرعاش الشديد في جهة واحدة من الجسم، مع تحسن فوري للأعراض.
- الدواعي: تناسب المرضى غير المستجيبين للعلاجات الأخرى أو غير المؤهلين للجراحة التقليدية.
بضع المهاد وبضع الكرة الشاحبة
تشير الدراسات إلى أن هذه العمليات تحقق تحسنًا طويل الأمد في الأعراض الحركية، مع ضرورة الحذر من المضاعفات العصبية.
- بضع المهاد (Thalamotomy): فعالة في علاج الرعاش من جانب واحد وتستخدم عند عدم الاستجابة للعلاجات الأخرى.
- بضع الكرة الشاحبة (Pallidotomy): فعالة في علاج الحركات اللاإرادية الناتجة عن الأدوية وتحسن الأعراض الحركية.
زراعة الخلايا الجذعية (تجريبي)
تعد زراعة الخلايا الجذعية من التقنيات المستقبلية، حيث تهدف لتعويض الخلايا المنتجة للدوبامين. نتائج التجارب السريرية الأولية مبشرة من حيث الأمان وتحسن الأعراض، لكنها لم تعتمد كعلاج روتيني بعد.
لذلك فإنها تقنية بحثية ناشئة تهدف لتجديد خلايا الدوبامين التي تتلف بمرور المرض. في بعض المراكز المتقدمة يتم التعامل معها ضمن أطر دراسات سريرية، حيث تُحقَن خلايا جذعية أو جنينية لاستعادة الوظائف العصبية تدريجيًا.

دواعي إجراء عمليات الباركنسون
تهدف الجراحات العصبية، مثل التحفيز العميق للدماغ أو الإجراءات الإتلافية، إلى تحسين القدرة الحركية وزيادة ساعات الأداء الجيد اليومي.
تسهم هذه التجارب في خفض الاعتماد على الأدوية، والتقليل من حدة الرعاش والتصلب، مما يؤدي إلى تحسّن ملموس في الوظائف اليومية والعمل.
وهذا يتمثل في تقليل فترات “off” وتحقيق استقرار أعرض الحركة مقارنة بفترة الاعتماد الكامل على الدواء.
في بعض الحالات، لا يكون المرضى قادرين على الاستمرار على الجرعات العالية من الأدوية بسبب ظهور اضطرابات مثل خلل الحركة أو الهلوسات أو عدم التحمّل العام.
لذا فإن دواعي الجراحة تشمل:
- عدم الاستجابة للعلاج الدوائي أو ظهور تقلبات حركية حادة.
- الآثار الجانبية للأدوية مثل الحركات اللاإرادية.
- تدهور جودة الحياة وفقدان الاستقلالية.
- تشخيص مؤكد ومستقر بعد استبعاد الأمراض المشابهة.
ما بعد الجراحة
بعد الجراحة، تبدأ مرحلة المتابعة والبرمجة، وهي مرحلة حاسمة لتحقيق أقصى استفادة من الجهاز. لا يعمل الجهاز فورًا بكامل طاقته، بل يتطلب الأمر عدة زيارات للطبيب لبرمجة إعدادات التحفيز بدقة.
يتم ضبط شدة النبضات وترددها وعرضها بناءً على استجابة المريض للأعراض والآثار الجانبية. هذه العملية قد تستغرق أسابيع أو حتى أشهر، وتتطلب صبرًا وتعاونًا من المريض. يُعتبر التعليم المستمر للمريض حول كيفية استخدام الجهاز والتعامل مع أي مشاكل محتملة جزءًا أساسيًا من هذه المرحلة.
على المدى الطويل، يحتاج المرضى إلى متابعة منتظمة مع طبيب الأعصاب لضبط الإعدادات حسب الحاجة، واستبدال البطارية عندما تنفد طاقتها (عادةً كل 3-5 سنوات للبطاريات غير القابلة لإعادة الشحن، أو فترة أطول للبطاريات القابلة لإعادة الشحن).
خاتمة
عمليات الباركنسون تمثل نقلة نوعية في علاج المرضى الذين لم تعد العلاجات الدوائية كافية لهم. تتنوع الخيارات الجراحية ولكل منها دواعي محددة تعتمد على حالة المريض.
إن الاختيار بين الجراحات العصبية لمرض باركنسون يتطلب تقييماً فردياً شاملاً، يشمل شدة الأعراض، استجابة الأدوية، الحالة النفسية والعقلية للمريض، والقدرة المالية.
يُعد التحفيز العميق للدماغ الخيار الأول في معظم الحالات، بينما تبقى الجراحات الاستئصالية مكانًا بديلًا أو مؤقتًا في بعض الظروف.
مستشفى ليفا في تركيا يُعد من المراكز الرائدة في هذا المجال، حيث يقدم خدمات طبية متكاملة وتجارب ناجحة للمرضى من مختلف أنحاء العالم العربي ويوفر تشخيصًا دقيقًا ورعاية شاملة قبل وبعد الجراحة، مع نتائج سريرية ممتازة للمرضى العرب.
أسئلة شائعة
ما هي نسبة نجاح عمليات الباركنسون بشكل عام؟
تصل نسب النجاح في عمليات التحفيز العميق للدماغ إلى أكثر من 80% في تحسين الأعراض الحركية وتقليل الاعتماد على الأدوية.
هل جميع مرضى الباركنسون مؤهلون للجراحة؟
لا، الجراحة تُخصص للحالات التي لم تعد تستجيب للعلاج الدوائي أو تعاني من مضاعفات حادة للأدوية، ويجب أن يكون التشخيص مؤكدًا ومستقرًا.
ما هي المخاطر المحتملة لعمليات الباركنسون؟
تشمل المخاطر العدوى، النزيف، مشاكل في الجهاز المزروع (في حالة DBS)، أو مضاعفات عصبية مؤقتة أو دائمة حسب نوع العملية.
كم تستغرق فترة التعافي بعد العملية؟
تختلف الفترة حسب نوع العملية، لكن غالبًا ما يحتاج المريض إلى بضعة أيام في المستشفى، مع متابعة طبية وتأهيل حركي مستمر.
هل يمكن إجراء عمليات الباركنسون في تركيا للمرضى العرب؟
نعم، مستشفى ليفا في تركيا يقدم خدمات متكاملة للمرضى العرب، تشمل الاستقبال، الفحوصات، العمليات، والمتابعة بعد الجراحة.
هل زراعة الخلايا الجذعية معتمدة كعلاج لمرض الباركنسون؟
حتى الآن، لا تزال زراعة الخلايا الجذعية في طور التجارب السريرية ولم تُعتمد كعلاج روتيني للمرض.